و اعلم أنَّ أقسام المعیة بإزاء أقسام التقدم و التأخر بحسب المفهوم و المعنی لابحسب
الوجود، لأنَّ تقابل المعیة لهما لیس تقابل التضایف حتی یلزم أن یوجد حیث یوجدان،
بل تقابله تقابل العدم و القنیة، إذ لیس كل شیئین لیس بینهما تقدم و تأخر زمانیین لابد
أن یكونا معاً فی زمان، و لاكلُّ ما لایوجد بینهما تقدم و تأخر بالطبع لابدَّ و أن یكونا
معاً فی الطبع. فإنَّ المفارقات بالكلیة لایوجد بینهما تقدم و تأخر بالزمان و لامعیة أیضاً
بینها بحسب الزمان، و كذا نسبة المفارق بالكلیة إلی زید مثلا لیست بتقدم زمانی و
تأخر، و لاأیضاً بالمعیة فی الزمان. فاللذان هما معا فی الزمان یجب أن یكونا زمانیین كما
أنَّ اللذین هما فی الوضع و المكان هما مكانیان. فما لیس وجوده فی زمان لایوصف
بشی ء من التقدم و التأخر الزمانیین، و لا أیضاً بالمعیة الزمانیة. و كذا المعیة الذاتیة بین
الشیئین لابد و أن یكونا معلولی علة واحدة فاللذان لاعلاقة بینهما من جهة استنادهما
بالذات إلی علة واحدة و لا من جهة استناد أحدهما بالذات إلی الآخر فلا معیة بینهما و
لاتقدم و لا تأخر. و اللذان هما معاً بالطبع قد یكونان متضائفین، و المتضائفان من
حیث تصائفهما لابدَّ و أن یستندا أیضاً إلی علة واحدة كما حقق فی موضعه. فالمعان
بالطبع إما أن یكونا صادرین عن علة واحدة أو هما نوعان تحت جنس واحد و نحوهما،
مجموعه آثار شهید مطهری . ج12، ص: 994
و هما قد یكونان متلازمین فی تكافؤ الوجود كالأخوین و قد یكونون غیرذلك
كالأنواع تحت جنس واحد لأنهما معاً فی الطبع إذ لاتقدم و لاتأخر فی طباعهما، و
قدیكونان معا فی الرتبة أیضاً إذا اشتركا فی التأخر بالطبع عن الجنس و قد لایكون. و
یصح أن یكون شیئان هما معاً فی الزمان من جمیع الوجوه و لایمكن أن یكونا معاً فی
المكان من جمیع الوجوه، بل من الأجسام مایكون معاً من وجه واحد، كشخصان إذا
كانا معاً فی تساوی نسبتهما إلی من یأتی من خلف أو قدام، فبالضرورة اختلف حالهما
بالنسبة إلی ما یأتی من الیمین و الیسار، و لا یتصوّر المعیة المكانیة من كل وجه بین
شیئین إلّامع تقدم أحدهما علی الآخر بالزمان، و ربما یمتنع المعیة المكانیة بین جسمین
كالكلیات من البسائط فلا یتصوّر المعیة فیها.
و اعلم أنَّ العلة یجب أن تكون مع المعلول من حیث هما متضائفان و لیست هذه
المعیة بضارة للتقدم و التأخر بین ذاتیهما، و لیسا إذا كانا من حیث هما متضائفان
موجودان معاً یجب أن یكون وجود ذاتیهما معاً إذالإضافة لازمة للعلة و المعلول من
حیث هما علة و معلول و یتقدم العلة بهذا التقدم.
و اعلم أنَّ علة الشی ء لایصح أن توجد إلّاو یوجد معه المعلول، لست أقول من
جهة كونهما متضائفین، بل لابد أن یكون وجودا هما معاً. و ذلك لأنَّ شرط كون العلة
علة إن كان ذاتها فما دامت موجودة تكون علة و یكون المعلول موجوداً و إن كان لها
شرط زائد علی ذاته فعلیة ذاته بالإمكان و القوة و مادامت الذات علی تلك الجهة
لم یجب أن یصدر عنها معلول فیكون الذات مع اقتران شی ء آخر علة فالعلة بالحقیقة
هی ذلك المجموع من الذات و الأمر الزائد سواءٌ كان إرادة أو شهوة أو مبائناً منتظراً،
فإذا تحقق ذلك الأمر و صار بحیث یصح أن یصدر عنه المعلول من غیر نقصان شرط
وجب عنه وجود المعلول فهما معاً فی الزمان أو الدهر أو غیر ذلك و لیسا معاً فی حصول
الهویة الوجودیة لأنَّ وجود المعلول متقوم بوجود العلة و لیس وجود العلة متقوماً
بوجود المعلول، و یجب مما ذكر أن یكون رفع العلة یوجب رفع المعلول و إذا رفع المعلول
لایجب رفع العلة بل یكون العلة قد ارتفعت حتی یرتفع المعلول فرفع العلة و اثباتها
سبب رفع المعلول و اثباته، و رفع المعلول و اثباته دلیل علی رفع العلة و اثباتها، و
المعلول وجوده مع العلة و بالعلة و أما العلة فوجودها مع المعلول.
مجموعه آثار شهید مطهری . ج12، ص: 995