فی هدم ما ذكره الشیخ و غیره من أن الصور الجوهریة لایكون.

حدوثها بالحركة بوجه آخر.

حاصل ما ذكروه كما مر أنّ الصورة لاتقبل الاشتداد و ما لایقبل الاشتداد یكون حدوثها دفعیّاً، و ذلك لأنها إن قبلت الاشتداد فإما أن یكون نوعها باقیاً فی وسط الاشتداد أو لایبقی، فإن بقی فالتغیر لم یكن فی الصورة بل فی لوازمها [1]، و إن لم یبق فذلك عدم الصورة لااشتدادها [2]. ثم لابدّ و أن یحصل عقیبها صورة أخری فتلك الصور المتعاقبه إما أن یكون فیها ما یوجد أكثر من آن واحد أو لایكون، فإن وجد فقد سكنت تلك الحركة و إن لم یوجد فهناك صور متعاقبة متتالیة آنیة الوجود [3].

و یمكن تحلیل هذه الحجة إلی حجتین: إحداهما أنه یلزم تتالی الآنات [4]و هی منقوضة بالحركة فی الكیف و غیره [5]. الثانیة أنّ الحركة تستدعی وجود الموضوع و المادة وحدها غیرموجودة فلایصح علیها الحركة فی الصورة بخلاف الكیف، لأن الموضوع فی وجوده غنی عن الكیف فیصح الحركة فیه.

فإذا تقررت الحجة بهذا الطریق وقع الكلام الأول لغواً ضائعاً؛ فالعمدة فی هذا الباب هذه الحجة [6]. و بیانها إنّ الحركة فی الصورة إنما تكون بتعاقب صور لایوجد واحدة منها أكثر من آن، و عدم الصورة یوجب عدم الذات، فاذن لایبقی شی ء من تلك الذوات زماناً، و كل متحرك باق فی زمان الحركة [7].

و فیه بحث لأنه منقوض بالكون و الفساد [8]، فإنّ قوله عدم الصورة یوجب عدم.

الذات إن عنی بها أن عدمها یوجب عدم الجملة الحاصلة منها و من محلها فذلك حقٌ [9]، و لكن المتحرك لیس تلك الجملة حتی یضر عدم الجملة، بل المتحرك هو المحل مع صورة مّا ایّة صورة كانت، كما أنّ المتحرك فی الكم هو محل الكم مع كمیة مّا، و إن عنی أنّ عدم الصورة یوجب عدم المادة [10]فالأمر لیس كذلك و إلاّلكانت المادة حادثة فی كل صورة كائنة بعد ما لم یكن سواءٌ كانت دفعیة أو تدریجیة، و كلّ حادث فله مادة فیلزم مواد حادثة إلی غیر النهایة و ذلك محال [11]، و مع ذلك [12]فإن لم یوجد هناك شی ء محفوظ الذات كان الحادث غنیاً عن المادة، و إن وجد فیها شی ء محفوظ الذات لم یكن زوال الصورة موجباً لعدمه.

ثم من العجب أنّ الشیخ لما أورد علی نفسه سؤالا فی باب كیفیة تلازم الهیولی و الصورة و هو أنّ الصورة النوعیة زائلة فیلزم من زوالها عدم المادة، أجاب عنه بأنّ الوحدة الشخصیة. للمادة مستحفظة بالوحدة النوعیة للصورة [13]لا بالوحدة الشخصیة.

فإذا كان هذا قول الشیخ فبتقدیر أن تقع الحركة فی الصورة فلایلزم من تبدل تلك الصورة عدم المادة، بل الحق [14]أنّ المادة باقیة و الصورة أیضاً باقیة بوجه التجدد.

الاتصالی الّتی لا تنافی الشخصیة [15]كما صرَّحوا فی بیان تشخص الحركة التوسطیة. و قولهم أنّ كل مرتبة من الشدة و الضعف نوع آخر یراد بها مایكون بالفعل متمیزاً عن غیرها فی الوجود [16]و هذا لاینافی كون السواد عند اشتداده شخصاً واحداً [17]یكون الأنواع الغیرالمتناهیة فیه بالقوة، و كذا حال الصور فی تبدلها الاتصالی.

ثم إنّ الشیخ أورد حجة أخری غیرهما و بیّن ضعفها، هی أنّ الجوهر لا ضدَّ له فلایكون فیه حركة لأنّ الحركة سلوك من ضدّ إلی ضدّ [18]، ثم قدح فیها [19]بأنا إن اعتبرنا فی المتضادین تعاقبهما علی موضوع واحد [20]فالصورة لا ضد لها، و إن لم یعتبر ذلك بل یكتفی بتعاقبهما علی المحل كان للصورة ضد لأنّ المائیة و الناریة، معنیان وجودیان مشتركان فی محل یتعاقبان علیه و بینهما غایة الخلاف.

---