فی تحقیق موضوع الحركة و أن موضوعها هل الجسم ام غیره [1].

لمّا علمت أنّ الحركة حالة سیالة [2]لها وجود بین القوة المحضة و الفعل المحض یلزمها أمر متصل تدریجی قطعی لاوجود له علی وصف الحضور و الجمعیة الاّ فی الوهم [3] یجب أن یكون شی ء ثابت بوجه حتی یعرض له الحركه؛ فإما أن یكون هذا الثابت أمراً بالقوة أو أمراً بالفعل، و محال أن یكون بالقوة، إذ ما لا وجود له بالفعل لا یوصف.

بشی ء أصلا لا بالقوة و لا بالفعل. فبقی أن یكون موضوعها أمراً ثابتاً بالفعل، و ذلك إمّا أن یكون بالفعل من كل وجه أو لایكون كذلك؛ و الاول محال إذ الّذی یكون بالفعل من كلّ الوجوه یكون مفارقاً لا علاقة بینه و بین المادة أصلا، و كل ما كان كذلك فلا معنی لكونه خارجاً من القوة الی الفعل، فلا معنی لكونه متحركاً إذ قد حصل له بالوجوب جمیع ما یمكن له بالامكان العام [4]، فكل ما هو بالفعل من جمیع الوجوه یمتنع علیه الحركة، و بعكس النقیض كل ما یصح علیه الحركة ففیه مابالقوة إذ كل طالب للحركة یطلب شیئاً لم یحصل له بعد فلایصح أن یكون المجرد عن المادة یطلب بالحركة أمراً. و أیضاً الحركة أمر طار علی الشی ء المتحرك و یجب أن یكون فی الشی ء الّذی یطرء له شی ء معنی مّا بالقوة فیجب فیما یفرض له الحركة معنی مّا بالقوة، و المفارق بری ء من ذلك فموضوع الحركة یلزمه أن یكون جوهراً مركب الهویة ممابالقوة و ممابالفعل جمیعاً و هذا هو الجسم.

واعلم أنه لایجوز أن یكون الحركة صورة لنوع من الجواهر الجسمانیة لوجوه من البیان [5]: .

الأول: لانّ الحركة عرض بل أضعف الأعراض، لأنها متحركیّة الشی ء بالمعنی النسبی [6]لا ما به یتحرك الشی ء [7]، فلایصح أن یكون صورة لموجود جوهری و لایتحصّل الشی ء بما هو أنقص وجوداً منه [8].

و الثانی: لأنك علمت أنّ موضوعها الجسم بالفعل، و لایصح أن یوجد جسم عام مبهم إلاّفی العقل بل الموجود من الجسم ما قد تحصّل نوعاً خاصاً.

و الثالث: لأنّ الحركة لا توجد أنواعها بالفعل مستقرة و ما لایوجد بالفعل لاینوّع أمراً بالفعل [9].

و الرابع: إنّ الحركة لو كانت مقومة لنوع لَعُدم [10]بالسكون، و لَعُدم بعدم أجزاء تلك الحركة [11]فیكون النوع بالقوة فاحتاج إلی ثابت بالفعل، فثبت أنّ الحركة تعرض للجسم بعد تقومه. هذا غایة ما قیل فی هذا المقام و ستسمع كلاماً فیه تنویر القلب.

---